منوعات

“إبل الأوارك” سلالة نادرة تغنّت بها العرب

ارتبطت بهذا الاسم لاعتيادها على أكل الأراك

تنتشر فصيلة “إبل الأوارك” في جنوب وغرب الجزيرة العربية؛ بيد أن سلالاتها النقية على وشك الانقراض؛ جراء تهجينها مع سلالات الإبل الأخرى، سواء كانت عربية أم وافدة، ولتحول رغبات ملاكها إلى اقتناء أنواع الإبل الأخرى.

وارتبطت “الأوارك” بهذا الاسم نظراً لاعتيادها على أكل الأراك، علماً أنها تتغذى على الأشجار والنباتات الأخرى، إلا أن الأراك هو غذاؤها المفضل، وإذا أصابت “الآركة” من شجر الأراك شيئاً بان طعمه في لبنها.

وتعيش هذه السلالة النادرة في تهامة الحجاز، وعسير، والباحة، وسهول جازان، ونجران، والأودية التي تنحدر من جبال السروات مثل: تثليث، وطريب، وبيشة، ورنية، والخرمة، وتربة خاصة عند “قبيلة الموركة”، حيث تتباين باختلاف كل منطقة؛ نظراً لاختلاف طبيعة أرضها ومناخها.

وتنوعت “الأوارك” أنواعا وألوانا قبل أن يدخلها التهجين، فمنها “العرابى”: وهي من آصل إبل العرب، ويميزها كِبَرُ جرمها وكثرة وبرتها؛ لذلك فهي شديدة المقاومة للحر والبرد، و”الخواوير”: وهي التي جلدها رقيق، ووبرتها خفيفة وحليبها كثير، و”الجرامى”: وتنسبها بعض المصادر إلى قبيلة “جرم” أصحاب العقيق (عقيق جرم)، وقد قيل أنها قيل إنها مهجنة من الخواوير والعرابى، فقد يكون أبوها جرمياً وأمها خوارة أو العكس، وصفاتها مزيج بين هذين النوعين.

فيما تشمل ألوانها “البِيض” وهي أشهرها، وبياضها ناصع، و”الحمر التي يخالطها بياض” ويسمونها (شعرة الظبي) كونها تشبه الظباء الأدم في لونها القريب من اللون الأشقر، و “السُّمر” التي تشتهر بها منطقة نجران، وتميل إلى لون “الأدمة” أو اللون “الأدهم الفاتح”، فالسُّمرة منزلة بين البياض والسواد.

وتتصف “الإبل الأوارك” عموماً بحجمها المتوسط، وعجزها المتقدم، ورأسها الصغير المستدق، وآذانها الواقفة، وسبالها القصيرة، ولونها الناصع؛ كما تتميز بكثرة الحليب وطيب مذاقه، ويكفيها القليل من الطعام، وما تجده من نباتات أو أشجار، كما يعد تحمل الجفاف من أبرز صفاتها.

كما تنفرد بميزة لا توجد في أصناف الإبل الأخرى إلا نادراً، إذ تشير موسوعة الثقافة التقليدية في المملكة، إلى أن الأوارك منتشرة في الأودية التي يكثر فيها شجر الأراك، وعادة ما يقتنيها أصحاب هذه المناطق، سواء كانوا مزارعين أو بادية؛ لأنها لا تغادر مناطقها إطلاقاً، ولا يخافون عليها من الابتعاد عنها.

ويخلط بعضهم بين الإبل “الأوارك”، وبين “السواحل”، و”العوادي”، و “الحضانا”، والصحيح أن هذه سلالات تختلف عن بعضها، وإن تشابهت أو اشتركت في بعض الصفات، حيث تغنّت العرب بهذه السلالة في أشعارها، إذ ترجم الشاعر عراقتها وأصالتها وقيمتها الكبيرة بقوله : “فما سرّني إن زرتها أنَّ لي بها.. كرائمَ عوذ المُتلِيات الأواركِ”.

اقرا ايضا: انجاز هام بالتعاون بين الامارات لإنتاج حليب الإبل وفيكا للاستثمار الألمانية بدء انتاج الفحم الحيوي الصناعي من مخلفات الإبل في الامارات

وعرفت بسرعة الجري خاصة الهجن منها، حيث يقول عن ذلك الأديب حسين سرحان: “الأوارك والعمانيات الحرائر إذا أحسنوا ترويضهن وتدريبهن أسففن برموشهن، حتى تكاد مشافرهن تمس الأرض، وطفقن يملن بها يمنة ويسرة وعلواً وسفلاً؛ وأحسب أنها هي مشية الهيدبى التي أشار إليها المتنبي في مقصورته”.

يشار إلى أن منطقة نجران خصّصت أشواطاً لفئات الإبل “الأوارك” في مزاينات سابقة، وفي “مزاد الإبل” الذي أقيم في المنطقة خلال العام المنصرم 1445هـ؛ لاشتهار المنطقة بهذا الصنف المهدد بالانقراض.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى