مناسبات وفعاليات

اليوم الثالث من مؤتمر الابتكار في استدامة المياه 2025 يركّز على التمويل والشراكات والحلول القابلة للتوسّع

مستثمرون ومبتكرون ومؤسسات دولية يؤكدون أن رأس المال والتعاون والحوكمة هي المحركات الأساسية لتحقيق استدامة مائية طويلة الأمد

جدة، المملكة العربية السعودية :

اختُتمت فعاليات النسخة الرابعة من مؤتمر الابتكار في استدامة المياه (IDWS 2025) اليوم في جدة، ليؤكد مكانته كأحد أبرز المنصات العالمية تأثيراً في صياغة مستقبل أمن المياه والاستدامة والابتكار. وقد جمع المؤتمر نخبةً من كبار صُنّاع السياسات وقادة القطاع العالميين، الذين ناقشوا على مدى ثلاثة أيام سبل حماية أهم مورد للحياة، مع تسليط الضوء على الدور الريادي للمملكة العربية السعودية في هذا المجال.

وشهد اليوم الثالث سلسلة من الاجتماعات نظّمتها الهيئة السعودية للمياه، وارتكزت على تبادل المعارف واستكشاف فرص التعاون ضمن منظومة المياه العالمية، وحضر الجلسات نخبة من قادة الصناعة ومسؤولي الحكومات، من بينهم ممثلون، وهيئة المياه الوطنية في سنغافورة، والبنك الدولي، حيث أكدت المناقشات الأهمية المتزايدة لـمؤتمر الابتكار في استدامة المياه كمنصة دولية محورية. ومع تحول المياه إلى مورد استراتيجي عالمي يرتبط بالاقتصاد والتكيف المناخي واستدامة الحياة، شددت الجلسات على مسؤولية الدول المشتركة في حماية مستقبل هذا المورد الأساسي.

وتحدث مايكل توه، المدير العام لجمعية المياه في سنغافورة، والتي وقعت مذكرة تفاهم مع الهيئة السعودية للمياه هذا الأسبوع، عن التجربة السنغافورية الفريدة، موضحاً أن البلاد تتمتع بالأمطار الغزيرة لكنها تفتقر للموارد الطبيعية للمياه. وقد استثمرت سنغافورة 7 مليارات دولار خلال خمس سنوات في البحث والتطوير، ونجحت في تحقيق وصول كامل لمياه الشرب الآمنة، مع تنويع مصادرها غير التقليدية، بما في ذلك التحلية وإعادة تدوير مياه الصرف، التي أثبتت الاختبارات أنها أنقى من المياه الصالحة للشرب.

الحاجة الملحّة للاستثمار في المياه عالمياً

وخلال كلمتها، شدّدت جايهيانغ سو، رئيس اللجنة الفنية لدى الشراكة العالمية للمياه ، على أهمية برنامج الاستثمار في المياه التابع للاتحاد الإفريقي، مؤكدة أن هدف التنمية المستدامة الخاص بالمياه يُعد من بين أقل الأهداف تقدماً بسبب تغير المناخ والنمو السكاني المتسارع.

وأوضحت أن أفريقيا، باعتبارها من أعلى المناطق نمواً سكانياً في العالم، تواجه فجوة تمويلية هائلة، حيث تتطلب تحقيق أمنها المائي استثمارات تتجاوز 60 مليار دولار، بينما لا تتجاوز مساهمة القطاع الخاص حالياً 1% فقط. وأشارت إلى أن قمة عُقدت مؤخراً في جنوب أفريقيا ساعدت في تحديد فرص استثمارية تتراوح بين 10 و12 مليار دولار في مشاريع المياه، داعيةً إلى تسريع توسيع نطاق الحلول الابتكارية على المستوى الوطني والعالمي.

تتويج الفائزين في “مياهثون” والإعلان عن جوائز جديدة

اختُتمت فعاليات مؤتمر الابتكار في استدامة المياه 2025 على مدى ثلاثة أيام حافلة بالإنجازات، مع سلسلة من الجوائز والإعلانات، من بينها الكشف عن الفائزين بجائزة محتوى الماء الخاصة بالمؤتمر لعام 2026، وهي مبادرة تهدف إلى الارتقاء بصناعة المحتوى في قطاع المياه.

كما شهدت المنصة الختامية تتويج الفائزين في “مياهثون”، وهي مسابقة ابتكار (هاكاثون) تحتفي بالحلول المستدامة في قطاع المياه. وشملت قائمة الفائزين كلاً من: Separation Membrane Innovation (SMI)، وRaaq، وSmart Corr، وAqua Volt، وVibraFlow، وMizan for Technology Solutions، وAquaTwin، وNuPlasTec، وHessan، وSmart Green Solutions، وHydroMine، وEarth Pulse، وThe Door of Innovation.

ويجسد “مياهثون” التزام المملكة برعاية الجيل القادم من المبتكرين وبناء منظومة قادرة على تحويل الأفكار إلى أثر واقعي يعزز استدامة المياه على المدى الطويل.

وقال معالي المهندس عبدالله بن إبراهيم العبدالكريم، رئيس الهيئة السعودية للمياه:

“تلتزم المملكة العربية السعودية التزاماً كاملاً بقيادة تغيير مؤثر نحو مستقبل أفضل، وقد أظهر مؤتمر الابتكار في استدامة المياه 2025 مدى قوة هذا الالتزام تجاه استدامة قطاع المياه. فمن افتتاح رسم مساراً واضحاً للرؤية، إلى ثلاثة أيام من تبادل المعرفة والرؤى القيّمة والحوار البنّاء وصياغة الاتجاهات، تبلورت ملامح المرحلة المقبلة. وتعكس الحيوية التي شهدناها ضمن جائزة الابتكار العالمية في قطاع المياه وفعاليات ‘مياهثون’ طموحات المملكة المتنامية. ومع اختتام أعمال المؤتمر، تتضح الرسالة: المملكة تستثمر في الأفكار والتنفيذ والعمل. ومن خلال مذكرات التفاهم، ودعم الشركات الناشئة، والتعاون العميق بين القطاعين العام والخاص والقطاع الأكاديمي، نُحرز تقدماً ملموساً ونبني مستقبلاً مائياً أكثر مرونة للأجيال القادمة.”

وبلغ إجمالي الاتفاقيات الموقعة خلال أيام المؤتمر الثلاثة 27 اتفاقية توزعت على خمسة مسارات رئيسية شملت: تطوير التقنيات الحديثة، وتنمية القدرات، ودعم الابتكار وريادة الأعمال، ورفع كفاءة الخدمات، وتعزيز التعاون البحثي والتطويري، بما يسهم في دفع القطاع نحو مستويات أعلى من الجاهزية والاستدامة.

وشهد اليوم الختامي توقيع الهيئة السعودية للمياه خمس اتفاقيات شملت تعاونًا مع شركة وادي طيبة (جامعة طيبة) في مجالات التقنية والتحول الرقمي، واتفاقية مع Yokogawa لتطوير أساليب مبتكرة للكشف عن التسربات اعتمادًا على تقنيات الذكاء الاصطناعي، إضافة إلى اتفاق مع Meidensha Corporation لتطوير تقنيات الأغشية السيراميكية المستخدمة في المعالجة الأولية للمياه. كما وقّعت الهيئة اتفاقية تعاون بحثي مع جامعة نجران لتطوير محفزات ضوئية لمعالجة الملوثات الناشئة، واتفاقية تدريب مع GI AQUA لتنفيذ برامج تخصصية تسهم في رفع كفاءة الكوادر الوطنية.

كما شهد عددًا من الإطلاقات، في مقدمتها إطلاق “واحة المياه” في رابغ – SWA Rabigh Water Oasis ودخولها موسوعة غينيس كأكبر واحة ابتكار مائي في العالم، وإطلاق وزارة البيئة والمياه والزراعة الإطار الوطني لشراكات الابتكار في قطاع المياه Water Strip بالتعاون مع الهيئة السعودية للمياه، وكذلك الإعلان عن الفائزين بجائزة الابتكار العالمية في المياه GPIW 2025، وفعاليات “يوم الصفقة” التي شهدت الإعلان عن عدد من المشاريع والشراكات.

وجاءت هذه النسخة الرابعة من المؤتمر بزخم استثنائي بمشاركة أكثر من 169 متحدثًا من 139 دولة، إضافة إلى مشاركة أكثر من 100 جهة عارضة، وتنفيذ ما يزيد على 20 برنامجًا تدريبيًا تخصصيًا، ما رسّخ مكانة المؤتمر كمنصة دولية رائدة لتطوير مستقبل هذا القطاع الحيوي

وقال مايك تشامبيون، الرئيس التنفيذي لتحالف: “مع اختتام مؤتمر الابتكار في استدامة المياه 2025 الذي أحدث أثراً كبيراً، نتذكر جميعاً قوة الطموح الجماعي وما يمكن أن يحققه من نتائج. فعلى مدى الأيام الثلاثة الماضية، وفرّة المنصة أسساً راسخة لقطاع المياه العالمي لإعادة صياغة التحديات كفرص، وشهدنا كيف تحوّلت الأفكار إلى مسارات عملية قابلة للتنفيذ، وكل ذلك مدفوعاً بطموح المملكة العربية السعودية لإحداث أثر ملموس على أرض الواقع. تعزز الحوارات والشراكات التي أُقيمَت هنا التزامنا المشترك بمستقبل مائي أكثر مرونة للمملكة والعالم. وما هذه إلا البداية، ونتطلع إلى مواصلة هذا الزخم في العام المقبل”.

شكّل مؤتمر الابتكار في استدامة المياه 2025 محطة جديدة في مسيرة المملكة العربية السعودية نحو ترسيخ مكانتها كقوة عالمية رائدة في ابتكار حلول المياه والعمل المؤثر في هذا القطاع. وعلى مدى الأيام الثلاثة، شهدت منظومة المياه العالمية تجسيد طموح المملكة على أرض الواقع، من رؤية واضحة إلى حلول عملية وشراكات والتزامات راسخة تُرسخ معايير جديدة على المستوى الدولي. ومع مواصلة المملكة المضيّ قدماً في نهجها التحولي نحو الاستدامة، يواصل المؤتمر تعزيز دورها المحوري في صياغة مستقبل مائي أكثر أمناً للجميع. ويَعِد العام المقبل بدورة أكثر تأثيراً، تُظهر مجدداً ما يمكن للمملكة تحقيقه حينما تجتمع الإرادة والابتكار والتعاون في مسار واحد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى