شركة «بين آند كومباني» تطلق دراسة بحثية تسلّط الضوء على الفرص التي توفّرها السياحة المستدامة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
يسجّل قطاع السياحة العالمي انتعاشاً بعد التراجع الحاد الذي شهده عام 2020، ومن المتوقع أن تصل قيمته إلى 17 تريليون دولار بحلول عام 2027 مقارنةً بـ 11 تريليون دولار قبل تفشّي جائحة كورونا. وتظهر دراسة «بين» بعنوان «السياحة المستدامة: فرصةٌ غير مستغلّة لتحقيق النمو الأخضر» إقبالاً متزايداً على السياحة المستدامة بين المسافرين بغرض الترفيه من مختلف أنحاء العالم، إذ إنّهم يختارون الوجهات ومقدمي الخدمات (من شركات طيران وفنادق ومطاعم وشركات سياحية) بناءً على سجلات الاستدامة، لو كلّفهم ذلك مبالغ إضافية. من ناحيةٍ أخرى، تشير الأبحاث إلى شعور بعض المسافرين بأن الجهود المبذولة لتعزيز الاستدامة في قطاع السفر والسياحة تكاد تكون شبه معدومة، ما يشير إلى أن هناك مجالاً كبيراً أمام القطاع للاستجابة وإحداث فرق.
يشرح كريم حنين، أحد الشركاء لدى «بين آند كومباني» الشرق الأوسط: «تعود هذه الحركة في السياحة المستدامة إلى إقبال عام على السفر بطريقة مستدامة واتخاذ خيارات أكثر مسؤولية. وقد طوّرت شركة “بين آند كومباني” إطاراً يحدّد عناصر ومكوّنات تجربة السياحة المستدامة ويتمحور حول ثلاث ركائز، وهي: الأثر البيئي (خيارات النقل والإقامة الصديقة للبيئة)، والمسؤولية الاجتماعية (معايير التنوع والمساواة والشمول)، والمشاركة المجتمعية (التواصل مع السكان المحليين)».
في هذا الصدد، تبرز فرصة لا يستهان بها في شريحة «مناصري الاستدامة» المهتمين بزيارة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. وتهدف الدراسة إلى فهم سلوكيات وتفضيلات المسافرين المهتمين بهذه الوجهة، بالتركيز على ستة أسواق: ألمانيا وإيطاليا وفرنسا والمملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية والصين.
وتبيّن لنا بشكلٍ عام أن أكثر من ثلثي المستهلكين الذين شملهم الاستطلاع في الأسواق المختارة يعتبرون جوانب الاستدامة مهمة أو مهمة للغاية عند السفر بغرض الترفيه. ويتوقع 73% منهم أن تزداد الاستدامة أهميةً خلال السنوات الخمسة المقبلة. بالإضافة إلى ذلك، أفاد المستطلعون بأن الاعتبارات المتعلقة بالاستدامة تؤثر على خياراتهم (64%)، وأنهم على استعداد لدفع مبالغ إضافية للحصول على خياراتٍ أكثر استدامة (66%)، كما أشاروا إلى أنهم يأخذون مسألة الاستدامة في الاعتبار عند التوصية بوجهة سياحية معيّنة (57%). ومن بين المشاركين في الاستطلاع، حدّدت «بين» مناصري الاستدامة – أي الأشخاص الذين يعتبرون الاستدامة «مهمة للغاية»، سواء في حياتهم اليومية أو عند السفر بغرض الترفيه، وبلغت نسبتهم 30% تقريباً من المشاركين.
نجد فئة المسافرين المناصرين للاستدامة في جميع الأسواق، لكن خصائصها الديموغرافية تختلف من بلد إلى آخر. فعلى سبيل المثال، كان مناصرو الاستدامة من الصين والمملكة العربية السعودية في الغالب من جيل الألفية الحاصلين على شهادات التعليم العالي، في حين توزّع نظراؤهم الأوروبيون بالتساوي تقريباً على مختلف الفئات العمرية ومستويات الدخل والتحصيل العلمي.
في الواقع، ومقارنةً بسائر المشاركين في الاستطلاع، تبيّن لنا أن مناصري الاستدامة:
- 4 مرات أكثر ميلاً لاعتبار الاستدامة “بالغة الأهمية” عند اختيار وجهة للإجازة
- 7 مرات أكثر استعداداً للتوصية بوجهة إجازة تراعي الاستدامة
- 1.6 مرات أكثر استعداداً للإنفاق على الخيارات الأكثر استدامةً التي تكون نقاطها السعرية أعلى بـ 15-20 نقطة مئوية بالمقارنة مع غير المناصرين
لدى مصر موارد متعددة يمكنها الاستفادة منها، لكن لا يزال هناك العديد من الجهود التي يتم بذلها فى هذا المجال
أطلقت مصر بالفعل العديد من المبادرات الهادفة إلى تحسين أداء قطاع السفر والسياحة من حيث الاستدامة.
ومن الأمثلة على ذلك مشروع دمج التنوع البيولوجي بالسياحة في مصر، وبرنامج شهادة النجمة الخضراء للفنادق، إضافةً إلى مبادرات تروّج للمقاصد السياحية في مصر على مستوى ركائز الاستدامة مثل منتجع الجونة، وهو «الموقع الأول في أفريقيا والمنطقة العربية الحاصل على الجائزة العالمية للمدينة الخضراء بدعم من البرنامج البيئى للأمم المتحدة” وهى الجائزة التى منح إلى المدن التي تحقق تقدماً ملحوظاً في مجال الاستدامة البيئية وبناء مجتمع محلي أكثر مراعاةً للبيئة. وتتميز مدينة الجونة بنظام «صفر نفايات» حيث يقوم بتدوير وإعادة استخدام أكثر من 85% من جميع النفايات.
لتقييم انطباع المسافرين حول جهود الاستدامة في مصر، طلبنا من المشاركين في الاستطلاع ترتيب أداء الاستدامة في مصر مقارنةً بالوجهات الرئيسية المنافسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (اليونان، تركيا، تونس، الإمارات العربية المتحدة، المغرب). وفي حين تحسّن انطباع مناصري الاستدامة عن مصر مقارنةً بالوجهات المنافسة الأخرى إذ صنّفوها في المرتبة الثانية، حلّت مصر في المرتبة الرابعة بحسب المشاركين في الاستبيان بشكل عام.
يُعدّ تحقيق المزيج المتوازن بين النوتات المنخفضة والنوتات العالية مهماً للسياحة المستدامة في مصر. وبالرغم من أهمية النوتات المنخفضة – أي المواضيع المهّمة على نطاق واسع مثل شهادات الاستدامة والبنية التحتية الخضراء – يميل العملاء إلى متابعة النوتات العالية أيضاً، وهي مواضيع ترتبط بتوفير ميزة تنافسية. ومن الأمثلة على النوتات العالية في مصر هو الحفاظ على أصولها الثقافية والطبيعية في مناطق السياحة البيئية.
إن الفرصة التي تقدمها السياحة المستدامة إلى قطاع السياحة في مصر هائلة، وتتطلب تنسيق الجهود بين جميع جهات منظومة السياحة لإعداد مصر لاغتنام هذه الفرصة. وفي هذا السياق، يجب أن تشمل خارطة الطريق ما يلي:
- استهداف مناصري الاستدامة.
- التركيز على النوتات العالية في مصر من خلال إعادة ابتكار الخيارات السياحية الحالية لتسليط الضوء على الجوانب المتعلقة بالاستدامة، وتوفير خيارات مستدامة جديدة، وتنفيذ مبادرات رئيسية لتحسين الانطباعات حول أداء مصر على صعيد الاستدامة.
- التطرق إلى النوتات المنخفضة، بما في ذلك السعي للحصول على شهادات الاستدامة، وتحسين البنية التحتية، وتوزيع المنافع على المجتمعات المحلية.
- تطوير المنظومة السياحية عبر تحفيز الشركات والمجتمعات المحلية على تبني ممارسات مستدامة وتأمين التمويل اللازم.
وتضيف جيني ديفيس بيكو، مديرة القطاع العالمي للاستدامة والمسؤولية في «بين آند كومباني»: «من المهم تبنّي الممارسات الخضراء في القطاع السياحي لأنها تدعم نموه وتساهم في المحافظة على البيئة والرفاه الاجتماعي. ستساعد السياحة الخضراء/المستدامة في استحداث الوظائف ودعم الاقتصاد المحلي والحد من الفقر.»