منطقة الشرق الأوسط تعزز مكانتها كقوة رئيسية في مجال الرياضات الإلكترونية
سلطت مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب (BCG) الضوء، في تقرير أطلقته مؤخراً، على تنامي مشهد الرياضات الإلكترونية وتزايد شعبيتها وإمكاناتها عبر منطقة الشرق الأوسط. ويؤكد التقرير الذي يحمل عنوان “عالم استثنائي من تجارب الألعاب: الدور الريادي للرياضات الإلكترونية في استشراف مستقبل الترفيه الحي”، اتساع قطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية، مدفوعاً بعدد هائل من المشتركين يصل إلى 3 مليار لاعب. إلا أن التحدي يتمثل في عدم الاستثمار المتكامل للإمكانات والفرص التي يوفرها القطاع، إذ يبلغ عدد المهتمين بالرياضات الإلكترونية 500 مليون فقط.
وتتمحور الرياضات الإلكترونية، التي تحاكي الرياضات التقليدية في الكثير من المجالات، حول ألعاب الفيديو التنافسية. وبخلاف الرياضات التقليدية، تتمتع الرياضات الإلكترونية بمنظومة فريدة ومتكاملة تتضمن ناشري الألعاب وشركاء الترخيص. وتتميز كل رياضة من هذه الرياضات بمجموعة خاصة من القواعد والبطولات. وتهيمن الرياضات الإلكترونية على المشهد الترفيهي، مستقطبة اهتمام الجماهير عبر البث المباشر وعبر الإنترنت، بأكثر من 100 مليون ساعة أمضاها المهتمين في متابعة الأحداث الرياضية، الأمر الذي تؤكده عمليات البيع السريع لتذاكر البطولات الحية الكبرى. وشهد القطاع ارتفاعاً ملحوظاً في عدد البطولات وأحجامها، مع تنامي مجموعات الجوائز على مر السنين. ويبلغ عدد جمهور الرياضات الإلكترونية حالياً 500 مليون، مشكلاً نسبة قليلة من إجمالي العدد العالمي للمشاركين في الألعاب الإلكترونية، ما يشير إلى إمكانية تحقيق المزيد من النمو في هذا القطاع.
ويسلط التقرير الضوء على منطقة الشرق الأوسط كقوة ناشئة في عالم الرياضات الإلكترونية، ما يوفر إمكانات هائلة لهذا القطاع. وتشهد المنطقة تنامياً استثنائياً في عدد اللاعبين، مع سجل حافل من الاستثمارات، ما يجعلها وجهة واعدة لمنظومة الرياضات الإلكترونية العالمية. وتحتل المملكة العربية السعودية موقع الصدارة في قطاع الرياضات الإلكترونية على مستوى المنطقة، آسرة اهتمام الجماهير عبر استضافة موسم الجيمرز Gamers8، وهو من أكبر الفعاليات المستقلة للرياضات الإلكترونية التي تشهدها الساحة العالمية حتى الآن.. واستضافت المملكة 12 مسابقة للرياضات الإلكترونية خلال عام 2023، مع مجموعة جوائز بلغت قيمتها 45 مليون دولار، ما يؤكد التزامها بالرياضات الإلكترونية وتوجهها لدعم أندية الرياضات الإلكترونية والرياضيين.
كما أصبحت الإمارات العربية المتحدة مركزاً للرياضات الإلكترونية، بفضل تنامي مراكز الألعاب وتنظيم الفعاليات الرياضية العالمية فيها. ويعد مركز أبوظبي للألعاب والرياضات الإلكترونية، مقراً لنادي “نيغما جالاكسي” للرياضات الإلكترونية، واستضاف مجموعة من الفعاليات الرائدة مثل نهائي BLAST Premier World لنهائيات بطولة CS:GO العالمية. وعززت دبي مكانتها كوجهة رائدة للرياضات الإلكترونية، عبر استضافة بطولة PUBG العالمية الشيّقة عام 2022. كما تشتهر المنطقة بفعالياتها الرياضية المتميزة، ومن ضمنها مهرجان دبي للرياضات الإلكترونية، وقمة الألعاب من أجل التغيير في أبوظبي، ومهرجان الرسوم المتحركة والألعاب في العين.
وقال ألكسندر شودي، المدير المفوض والشريك في مجموعة بوسطن كونسلتينج جروب: “يعد تنامي أهمية الشرق الأوسط كمنطقة رائدة في مجال الرياضات الإلكترونية دليل دامغ على اهتمام أسواقها بهذا المجال، بالإضافة إلى الاستثمارات الاستثنائية في قطاع الألعاب. ومن المتوقع أن يقود الشرق الأوسط مستقبل الترفيه الحي، بفضل تنامي أعداد اللاعبين فيه، وازدهار منظومة الرياضات الإلكترونية. وتظهر المبادرات الطموحة التي اتخذتها دول عدة مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة التزامها بتعزيز مكانة الشرق الأوسط كمركز عالمي للرياضات الإلكترونية. ومن المؤكد أن تساهم هذه التحركات المستقبلية في جذب اهتمام الجماهير العالمية، ممهدة الطريق لتمكين المواهب المحلية من التطور والازدهار في عالم الألعاب التنافسية”.
ورغم تنامي مشاركة الشرق الأوسط في استشراف مستقبل الرياضات الإلكترونية، إلا أن تنوع القطاع وتعدد مجالاته واختلاف أصحاب المصلحة والجهات المعنية، لا سيما على مستوى ناشري الألعاب، أدى إلى تعقيد المشهد وضرورة التعمق في تفاصيله لفهم ديناميكياته المتسّعة على نحو تفصيلي.
المنظومة المتداخلة للرياضات الإلكترونية في الشرق الأوسط وأهمية المشاركة المتكاملة:
يشتهر قطاع الرياضات الإلكترونية بمنظومته المتكاملة، التي تضم عدداً كبيرًا من أصحاب المصلحة، الذين يعملون على نحو منفرد للمساهمة بشكل محوري في استشراف المستقبل. وتعتبر المشاركة المتكاملة والتعاون واسع النطاق بين هذه الجهات، أمر حتمي لتعزيز مكانة الشرق الأوسط في هذا المشهد المتنامي.
مساهمات أصحاب المصلحة في قطاع الرياضات الإلكترونية:
• نوادي الرياضات الإلكترونية: تشهد نوادي الرياضات الإلكترونية تنامياً وازدهاراً كبيرين على الصعيد العالمي، إذ يتزايد ظهور الفرق الرائدة من الدرجة الأولى عبر مجموعة متنوعة من الألعاب. وتعمل العديد من الأندية، بما فيها أندية الشرق الأوسط، على تنويع نماذج أعمالها، والتطور نحو كيانات إعلامية وترفيهية.
• الحكومات: تدرك بعض الحكومات حول العالم أهمية الفرص والإمكانات التي توفرها الرياضات الإلكترونية. وتتبنى منطقة الشرق الأوسط، ولا سيما المملكة العربية السعودية، هذا الاتجاه على نحو ملحوظ، مظهرة التزامها بدعم وتعزيز قطاع الرياضات الإلكترونية.
• الهيئات متعددة الجنسيات: تدرس عدة منظمات عالمية مختصة، مثل اللجنة الأولمبية الدولية، إمكانية إدراج الرياضات الإلكترونية على جداول أعمالها، ما يؤكد تنامي أهميتها على نحو واسع النطاق. ومن المتوقع أن يؤدي دعم أنشطة الرياضات الإلكترونية إلى تعزيز مكانتها على الصعيد العالمي.
• اتحادات الرياضات الإلكترونية: تعتبر هذه الاتحادات ضرورية لتنمية المواهب، وتنفيذ برامج متخصصة لاختيار ورعاية الرياضيين المحتملين للرياضات الإلكترونية. وتضمن مثل هذه المبادرات في الشرق الأوسط، تأسيس مسارات مهنية دائمة للاعبي الرياضات الإلكترونية.
• العلامات التجارية: تستفيد العلامات التجارية من التصاعد المتزايد للرياضات الإلكترونية، وتستخدمها كقناة ترويجية لمنتجاتها. وتوفر مشاركتهم دعماً مالياً هاماً للقطاع، بالإضافة إلى تعزيز تجربة المشاهد الإجمالية عبر مبادرات الرعاية والشراكات.
• المؤسسات الإعلامية: تستفيد الكيانات الإعلامية من تنامي الرياضات الإلكترونية، نظراً لدورها الحيوي في تنويع المحتوى الذي تقدمه واستقطاب المزيد من الجمهور. فعلى سبيل المثال، تتطلع الرياضات الإلكترونية Movistar من Time Warner/Telefonica للهيمنة على محتوى الرياضات الإلكترونية التي تستخدم اللغة الإسبانية. وتساهم هذه المساعي في تعزيز قنوات الوصول إلى الرياضات الإلكترونية، وإتاحتها للجمهور على نطاق أكثر اتساعاً.
وتستمر الرياضات الإلكترونية في التوسع، جاذبة اهتمام أصحاب المصلحة المتنوعين. وتساهم جهودهم الجماعية، لا سيما في الشرق الأوسط، في تعزيز مسار نمو القطاع على نحو محوري، بالإضافة إلى توفير المحتوى الفريد والفرص والإمكانات التسويقية.
ويواجه قطاع الرياضات الإلكترونية تحديات متنوعة في مسيرته التطورية، يتجلى أهمها في إيجاد نموذج أعمال مستدام، شاملة مجالات المواءمة والاستثمار، فضلاً عن عدم توفر قواعد موحدة تدعم الرياضيين في منظومة الرياضات الإلكترونية. وتظهر مبادرات التفكير المستقبلي، التي تنتهجها عدة دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، التزامها بدعم أصحاب المصلحة العالميين لمواجهة هذه التحديات وتحقيق الاستدامة عبر منظومة الرياضات الإلكترونية، ومن المؤكد أن نجاحهم في هذا المسار سيعزز مكانة الشرق الأوسط كحاضنة عالمية للرياضات الإلكترونية.