منوعات

أنشاص الرمل.. حكاية قرية مصرية أقيمت على أرضها أول قمة عربية


تعد الشرقية واحدة من أهم محافظات مصر التاريخية، لموقعها الهام ومكانتها الفريدة على مر التاريخ القديم والحديث، وما تضمه من آثار ومعالم تاريخية يرجع عمرها إلى آلاف السنين، فضلا عن انفرادها بالثروات الأثرية والإمكانات السياحية المتعددة.


قال الدكتور مصطفى شوقى، مدير عام آثار الشرقية للآثار القبطية والإسلامية، إن المحافظة تعد ضمن محافظات مصر التى تتمتع بمكانة تاريخية عظيمة، لما تضمه من معالم وآثار إسلامية وقبطية يرجع تاريخها إلى آلاف السنين، وأن من بين الكنوز والمعالم التاريخية قرية أنشاص الرمل التى شهدت العديد من الأحداث الهامة على مر العصور القديمة والحديثة.

وأضاف أن قرية أنشاص الرمل تقع شمال شرق القاهرة وتبعد عنها مسافة 53 كيلو مترا، يحدها من الجهة الشمالية والشرقية مدينة بلبيس وتوابعها، ومن الغرب مركز ومدينة مشتول السوق، ومن الجنوب مدينة العبور، وتنقسم القرية إلى جزأين الأول يقع على الجانب الشمالى من ترعة الإسماعيلية وبه منطقة البلد والمنيل، وتوجد بهذه المنطقة محطة القطار، وجميع المصالح الحكومية والهيئات، ومن الجهة الجنوبية لترعة الإسماعيلية يقع الجزء الثانى وهو منطقة التفتيش، ويطلق على هذا الجزء «بساتين الإسماعيلية» نظرا لمرور ترعة الإسماعيلية عليها.

وأوضح أن المنطقة تضم مجموعة من العزب الصغيرة مثل عزبة الرواشدة، والفؤادية، والهنادى، والخشاينة، والأحمدية، وكان يقطنها عدد من المواطنين يعملون فى مجال الزراعة أثناء الفترة الملكية، وكان يشرف عليهم مجموعة من النظار «ناظر التفتيش»، التابعين للأسرة الملكية، وأشار إلى أن القرية كانت تعرف باسم «أنشاز الرمال» أى المرتفعات العالية، وذلك للطبيعة الصحراوية التى كانت عليها، ثم عرفت باسم «أنشاص».


حيث مر الاسم بتعديلات كثيرة، أثناء العصر الرومانى وبعده، وبعد فتح مصر، وحتى الحكم العثمانى، كما يذكر أنها قد مر بها المسلمون أثناء الفتح الإسلامى لمصر، حيث توجه جيش المسلمين إليها بعد تمكنهم من بلبيس، وقيامهم فيها قرابة شهر قاموا بتأمين المدينة خلاله، وكانت جيوش أرطبون قد تمركزت فى أنشاص، حتى وصل إليه جيش المسلمين ودارت بينهما معركة الجيوب الشهيرة، التى انتصر فيها المسلمون وتوجهوا إلى القاهرة لحصار حصن بابليون.

وذكر أن من الأحداث التاريخية الهامة التى وقعت على أرض أنشاص، معركة الجيوب بين جيشى المسلمين والرومان أواخر شهر مارس 148، كما عقدت فيها أول قمة عربية فى قصر زهراء أنشاص عام 1946، وقد اختير هذا القصر لتوقيع ميثاق جامعة الدول العربية فى 28 مايو 1946، حيث تم توقيع الميثاق من سبع دول عربية وهى «مصر، والسعودية، وسوريا، ولبنان، والأردن، والعراق، واليمن»، ويعد انعقاد القمة فى هذه المنطقة من أهم الأحداث التى شهدتها أنشاص عبر تاريخها الطويل.

وأشار إلى أن هذه القمة سبقها العديد من التجهيزات والاستعدادات قبل وصول الضيوف العرب مع مضيفهم الملك فاروق، وكان مسؤولو الخاصة الملكية آنذاك يعملون جاهدين على أن تخرج القمة فى أبهى صورها، وأن ينال الملوك والرؤساء الذين حضروا كل الترحاب، حيث قام موظفو الخاصة الملكية بتكليف أحد أكبر مشايخ المنطقة، وهو الشيخ عطية خشانة.

أقرأ أيضاً فنادق مصر التراثية.. تحكى قصص ملوك ورؤساء ومشاهير العالم

بتوفير احتياجات الزوار، وضرب الخيام العربية وتجهيز الولائم الكبيرة لهم بالشكل الذى يليق بمصر آنذاك، وقد نجح الشيخ عطية خشانة كما يذكر غالبية الأهالى فى توفير كل الخدمات للزوار، وعندما وصل الأمر إلى الملك فاروق أغدق عليه ووهبه مساحة كبيرة من الأرض فى نهاية عزب وقرى الخاصة الملكية، حيث سكن فيها هو وأفراد عائلته وأطلق عليها عزبة الخشاينة تخليدا لمجهوده، ولا تزال الخشاينة من أهم عزب الإصلاح الزراعى إلى الآن.


وذكر أن القرية تضم بين جنباتها مسجد الملك فاروق، الذى يقع فى منطقة بساتين الإسماعيلية بعزبة الرواشدة، ويبعد عن طريق مصر الإسماعيلية الزراعى حوالى 77مترا، وتوجد بها عدد من المبانى الأثرية والتاريخية، حيث يقع فيها قصر الملك فاروق، وحديقة الصبار، وحدائق الخاصة الملكية، والإسطبل الملكى، ومشاريع الإصلاح الزراعى، ومنزل ناظر التفتيش، ومخازن وغرف خدمات ترجع لنفس الفترة الملكية.


ولفت مدير عام الآثار القبطية والإسلامية، إلى الكثير من الروايات تشير إلى أن إنشاء هذا المسجد تم فى فترة حكم الملك فؤاد الأول عام 1923، حيث أمر الملك فؤاد الأول أن يتم إنشاء بساتين أنشاص واستمر العمل بها وتجهيزها حوالى أربع سنوات، وقد أنفق عليها فى البداية مبلغ 50 ألف جنيه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى