مهنٌ في الحج توارثها أهالي مكة عبر الزمن لخدمة ضيوف الرحمن
ترتبط عدد من المهن بموسم الحج، التي اشتهر بها أهالي مكة المكرمة وضواحيها، يقدمون خلالها خدماتهم لحجاج بيت الله الحرام منذ قدومهم حتى مغادرتهم الأراضي المقدسة.
وتبرز مهنة “الطوافة” التي تتمحور حول إرشاد الحاج عن مناسك حجه والعمل على توفير كافة الخدمات التي يحتاجها، كواحدة من أهم المهن القديمة والتي ظهرت الحاجة لها عندما ازدادت أعداد الحجاج غير الناطقين باللغة العربية، من الذين يغلب عليهم عدم معرفة أداء مناسك الحج، حتى بدأ يصل مفهوم الطوافة إلى ما هو عليه الآن.
وحظيت مهنة الطوافة بحرص واهتمام وزارة الحج، حيث قامت بتأسيس شركات الطوافة بوصفها شركات مساهمة، بما يسهم في رفع كفاءة أدائها خدمةً لقاصدي الحرمين الشريفين والمشاعر المقدسة من حجاج ومعتمرين وزائرين، وكذلك رفع جودة ما يقدم لهم من خدمات، وتيسير إجراءات وصولهم وإقامتهم وعودتهم.
وتتمحور مهمة الطوافة، في استقبال الحجاج والترحيب بهم، كذلك تنظيم خروجهم إلى الحرم المكي للطواف عند القدوم والمغادرة، إضافةً إلى متابعة سكن الحاج في مكة لتوفير كافة سبل الراحة لهم، وتوفير وسائل النقل، والتفويج إلى منشأة الجمرات، وإسكانهم في المشاعر المقدسة، بالإضافة إلى تقديم خدمات الإعاشة لضيوف الرحمن طوال فترة حجهم، وتوديع الحجاج بعد إكمالهم أداء فريضة الحج.
ومن المهن الأخرى التي يتسابق ويتشرف لأدائها العديد من أبناء مكة المكرمة هي مهنة “الزمازمة” التي تساند المطوفين في تلبية احتياج الحاج للماء، وتعنى هذه المهنة بإرواء ضيوف الرحمن من ماء زمزم المبارك، حيث كانت آلية عمل الزمازمة جلب ماء زمزم من بئر زمزم وتخزينه في الأزيار (أوعية فخارية كبيرة تشبه الخزان)، ثم تبخر الدوارق بالمستكة لإكساب الماء رائحة زكية، بعد ذلك تملأ بماء زمزم من الأزيار ويتم صبها في طيس (أوعية نحاسة تستخدم للشرب) وتقديمها للحاج.
وتعمل شركة الزمازمة التي تشرف على عمل الزمازمة على عدة برامج من أهمها استقبال الحجاج في منافذ الوصول بتسليمهم عبوات من ماء زمزم وتوديعهم بعبوةٍ أخرى.
ومع اقتراب موسم الحج من كل عام تنشط مهنة أخرى بشكل ملحوظ وهي “مهنة الصرافة” التي ترتكز على تبديل العملات التي كانت تتداول في السوق بسبب الحركة التجارية للحجاج، وهذه المهنة عرفت منذ القدم حيث يتم فيها استبدال العملات للحجاج والمعتمرين وزوار المشاعر المقدسة طوال العام.
وتعد صناعة السبح من المهن العتيقة التي تم توارثها أجيالاً بعد أجيال في مكة المكرمة، حيث تعد من الهدايا التي يفضل الحجاج شراءها لأنفسهم وذويهم، ويتم استعمال أنواع مختلفة من الأحجار الكريمة مثل الياقوت والزمرد والزفير، التي تعد من أندر الأحجار الكريمة، كذلك يتم استخدام الأخشاب، وتتفاوت أسعارها حسب المواد المستخدمة لصناعة السبحة و مدى صفاوة الأحجار من الشوائب ودرجة غمق لونها، ويفضل الحجاج الآسيويون السبح المصنوعة من الأحجار الكريمة.
ومن المهن الموسمية في موسم الحج مهنة “الكشافة” التي تعود لمنتصف السبعينيات الهجرية من قِبل كشافة مكة وجدة بأداء مهمات تطوعية بالتعاون مع وزارة الحج، حتى تأسست جمعية الكشافة العربية السعودية عام 1382هـ، وأصبحت من الجمعيات الرسمية التي تعنى بالمساعدة في خدمة ضيوف الرحمن بالتعاون مع وزارة الحج وكافة القطاعات التي تتعلق بتسهيل وتيسير تجربة الحاج.
ويتم تدريب الكشافة على قراءة الخرائط الإرشادية والتعرف المبدئي على آلية المسح بالمشاعر، بالإضافة إلى منحهم جرعات تثقيفية في فنون التعامل مع الحجاج تشتمل على مهارة الإنصات عند مساعدة الحجاج التائهين وانتقاء الكلمات والجمل المناسبة التي تصل لقلوب الحجاج وترسم الابتسامة على ثغرهم وتأدية حاجة الحاج على أكمل وجه.